قِوامُ الكتابةِ الألفاظُ، وتتفاوتُ الألفاظُ قوةً وضعفًا، فصاحةً وأفصح، خِفةً وثِقْلًا، شهرةً وغرابة، أُلْفةً ونَفرةً، وبها تتفاوَتُ كتاباتُ الكُتَّاب، فصارتْ ضرورةً للكاتبِ الذي يحترِفُ الكتابةَ ويَصطَنِعها. تنوعَتِ المعاجمُ، فمنها الصغير ومنها الكبير، ومنها المُختَصَرُ والآخَرُ المطوَّلُ، وتنوَّعتْ وظائفُها وغاياتها، مما يجعلُ قيمتها لدى الكاتبِ تزدادُ أهميةً. تكمُنُ أهميةُ المعجَمِ لدى الكاتبِ في إدمانِه النظرَ فيها، سواء كانتْ بقراءةٍ حُرَّة، أو عند الرجوع إليها لأجل الحاجة. لكنَّ من المعاجمِ ما لا يستغني عنه كاتب، ويقبُحُ به وهو يرنو إلى قِمم القلَمِ أن يكون غريبًا عن المعجمات، فأضعفُ الأحوال أن يكون لزيمًا لـ “مختار الصحاح”، فيَصحَبُه دومًا معه، ويديم النظر فيه، ويؤلفُ من كلماته كلامًا، ليعتادَ الصنعةَ البديعة. هذا المعجم من الضرورة بمكانٍ كبير كضرورةِ كتابٍ في تفسير كلمات القرآن العظيم، فهو كاشفٌ بعضَ ما غاب. ليس ذا للكاتب وحده، بل للقارئ أيضًا، وما من كاتبٍ إلا وهو قارئ. وأما مَن كان من أرباب العلوم فشأنه الخوض في بحار الطِّوال.