أشتاتٌ

أنتَ ومواهِبُ الآخِرين

“كثيرٌ من الناسِ يمرونَ علينا، عليَّ وغيري، فينتبهون إلى حالِنا وما نحن فيه، من غرَقٍ في الكِتابِ واشتغالٍ في الكتابة، ويُنْبئون عن مكنون أنفسهم باللفظِ الصريحِ أنهم يتمنون تلك الأحوال. لا ينزعجُ من أمانيهم إنسانٌ شريفُ النفْسِ، وإنما هذه الأحوالُ لها امتدادٌ، وهذا الامتدادُ متنوِّعٌ، فليسَتْ أحوالهم وليدةَ حالٍ طارئٍ، فكلُّ أحدٍ قادرٌ على أن يكونَ خيرًا منَّا، وبحالٍ أفضلَ من أحوالنا، فالمعيارُ أنتَ لنفسك لا نحن.

تلك الامتداداتُ أولُها توفيق الله تعالى، فليس لأحد أن يسلُك شيئًا، ويمتازَ به، إلا واللهُ مُوَفِّقه لذلك الشيء، ولو كان على اعتمادِهِ لكانَ باقيًا حيثُ كان، فارفَعْ مُرادَك إليه يأتيكَ منه. ثم بعد ذلك تأتي المبادرة منك، بالسعي لصناعة الطريق إلى بلوغ المراد، برَسْم الطريق إلى الهدف المنشود الذي رسَمْتَهُ، بعد وَضْع المُدَدِ، فذاك من عُيونِ المَدَد.

لا تَنظُر إلى غيرِكَ وما هو عليه، فرغبتُك أن تكون قارئًا لن تمنحَكَ الشَّغَفَ بها، وأُمنياتِكَ أن تكون كاتِبًا ذا مؤَلَّفاتٍ لن تصنعَ لك كتابًا بين أيدينا، كذلك ذلك الكُناش الذي تراه ملازِمًا لي، وقد استَهْواكَ قِدَمَهُ وتَعْرِيَةُ الاستعمالِ له لن تنقُلَك من موضِعِكَ، إنما يكون كل ذلك لك، وغيرُ ما نحنُ عليه مما هي أحوال الآخرين، يكون لك كل ذلك بما ذكرْتُه لَكَ من الامتداداتِ، فانْتَهِضْ واَنْتَفِضْ، ولا تَعْتَرِضْ فَتَنْتَقِضْ. والسلامُ”.

 

* كِتابُ “التَّسهيلُ في التَّرْسيلِ” | عَبْدُاللهِ بنِ سُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِاللهِ العُتَيِّق

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى