نثْرُ القَول

الغاياتُ جَوْهَرٌ، والأَهْدافُ صُوَرُهَا

الإنسانُ يَحْصُرُ نَفْسَهُ ويَقْصُرُها، ويَجعلُها في حُدودٍ وقُيودٍ، فيَرْسُمُ حياتَه مُنطَلِقًا من ذلكَ كُلِّهِ، وهو كالذي رسَمَ دائرةً في الأرضِ فوقفَ في وَسَطِها، ومِن ثَمَّ لَم يُجاوِزْ ظِلَّهُ.
إنَّ الإنسانَ ذو سَعَةٍ، والحياةُ واسِعةُ الأهدافِ والغاياتِ، فإذا جعلَ الإنسانُ نَفْسَهُ مُقَيَّدًا مُحَدَّدًا، مَحْصُورًا مَقْصُورًا، فإنه لن يجدَ للحياةِ حياةً، ولا رونَقًا ولا بَهاءً، لأنَّ الأشياءَ التي اِنْحَصَرَ فيها غائِبَة عنه، لم تتحقَّقْ ولمْ تَحدُثْ، ومَنِ اِنْحَصَرَ اِنْصَهَرَ.
تأمَّلِ الكثيرَ في حياتِك، من كُلِّ نَحْوٍ وجِهَةٍ، تَجِدِ في كلِّ شيءٍ أشياءَ، وفي كلِّ ناحيةٍ أنحاءَ، كلُّ الذي نحتاجُه هو أن نَرْسُمَ الغايةَ الكُبْرى لأعمالنا وأهدافِنا، ثُمَّ ما يتحقَّقُ من الأعمالِ تحت ظِلِّ ذلكَ فهو إنجازٌ عظيمٌ.
إننا نَحْبِسُ أنفُسَنا كثيرًا في صُورَةِ الأهدافِ، ولا نَنْتَبِهْ أو نَلْتَفِتْ إلى جوهَرِها، فإنَّ أسرارَ الأشياءِ في جوهرِها لا في صُورِها وأشكالِها.
صحيحٌ أنَّ النفْسَ ترْغَبُ بما اِرْتَسَمَ في عَقْلِها، ولكنَّ ما كُلُّ مَرْغوبٍ يَحْصُلُ، إنما يحْصُلُ لُبُّ المَرْغوبِ.
وفي خُلاصَةٍ تُحَبَّرُ يُقالُ: كُلُّ هَدَفٍ مُنالٌ، وكُلُّ مَرْغوبٍ حاصِلٌ، ولكنَّ الصُّوَرَ مُخْتَلِفَة، والأشكالَ مُتَبَايِنَة، والبَصيرُ ذو البَصيرة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى