السيرة الذاتية
بَعْضُ سِيْرَةٍ
أرْقُمُ بعضَ سيرتِي بِبَدِيْعِ اللفْظِ الشَيِّقِ، فأنا عبدُالله بنُ سليمانَ بنِ عبدِاللهِ العُتَيِّق. غدَوْتُ لوائلَ مُنْتَسِبًا، وللفضلِ مُكتَسِبًا. لي في أرْضِ القصيمِ أُصولٌ باقية، وفي الرِّياضِ رُبوعٌ غانِيَة. مولودُ أربعٍ وتسعينَ، بعدَ ألفٍ وثلاثِ مِئيْن. في ثالثِ رمضانِ الخَيْرِ، صاننا اللهُ من طوارِقِ الضَّيْرِ.
في مسالكِ التعلُّمِ تلقيتُ فارتَقَيْتُ، واتَّقَيْتُ وانتَقَيْتُ. في المسارات الأكاديمية وفي المجالِسِ العلمية. بتوَسُّعٍ وتنوُّعٍ. من مراتِعِ معاهدِ العلم، حيثُ البداياتُ تُلِم. ثُمَّ تطَلُّعٌ لمعالِمِ العلمِ حيثُ التكوينُ يَكون، وانتهاءً بسِلْكِ الشريعةِ ومسارِ القانون. في جامعة الإمامِ. ومن نُخْبَةٍ من أكابرِ الأساتيذِ والأعلامِ. فاقُوا المِئَتَيْنِ نَفْسًا، إجازةً وَدَرْسًا. في أنحاءِ الأرضِ شَرْقًا وغَرْبًا، بِهِمْ عن الدُنَا أَرْبَا. وَاتَيْتُهم باقتباسِ المعارفِ والعلومِ، والتماسِ العوارِفِ والفُهوم. في علومِ الشرْعِ اللطيفِ، وفنونِ العلْمِ الشريفِ. فرحمَ اللهُ مَن فَنِيَ، وبارَك فيمن بَقِيَ.
حُبِّبَتْ إليَّ العلومُ والمعارِف، يسَّر الله نَوالَها باللطائف. فخُضْتُ في تحصيلها دَرْبًا، ورَكِبْتُ ذَلولًا وصَعْبًا. فتنقَّلَتْ بيَ الأفكارُ والآراءُ، فما استقَرَّ بي نَوَى التنقُّلِ بارتواء. في الفقهِ وجدتُ إرشادَ حياةِ البَشَر، وفي أُصولِهِ صَونًا من زَلَّةِ النظَرِ. وفي الحكمةِ والميزانِ كَشْفَ الأسرارِ والمعاني، وفي الأدَبِ رِقَّةً ولُطْفًا في المَباني. وفي النقْلِ حُجَّةً، وفي العقْلِ محجَّةً. وفي العلُومِ نورُ العقْلِ، ونبراسٌ من الجَهْل. آَمَنْتُ أنَّ علمًا واحدًا لا يفي، ومَنْ اكتَفَى ما كُفِيَ. وأنَّ ذَا المعارِفِ، غائِصٌ في بَحْرٍ عَميقِ العوارِف. يُدْرِكُ فَيَسْتَدْرِك. ويَعْلَمُ ولا يُفْهَم. ثُمَّ وُلُوْجٌ لرِحابِ التدريبِ، بالتحصيلِ ثم التأصيلِ والترتيب. فأخذْتُ من كُلِّ بَحْرٍ بِقَطْرَةٍ، ومن كل حديقةٍ برحيقِ زَهْرَةٍ. وفي كلِّ عِلْمٍ ضارِبًا بِسَهْمٍ، آخِذًا له عَنْ كُلِّ شَهْمٍ.
أنِيْسٌ بالكتابِ والوَرَقِ، مُرْتَحِلٌ فيهما إلى آفاقٍ من أُفُقٍ. فقرأتُ وَفِيْرًا، فكتبتُ كثيرًا. فَلا أَقِفُ عِنْدَ بابٍ، رائِمٌ قَطْعَ العُباب. أجولُ في بَحْرِ السَّطْرِ، أستجلِبُ قَطْرَ الفِكْرِ. أرسُمُ معالِمَ الكمالِ، وأرصُدُ مطالِعَ الجَمالِ. فبِالمعارِفِ الإنسانُ يكمُلُ، وبحُسْنِ الأعمَالِ يَفْضُلُ.
وحَبَّرْتُ كثيرًا مِن التآلِيفِ، كـ “رموزُ المنام” الَّلطِيْفِ. وحبَّرْتُ بالبيانِ الكريمِ، قضايا “ثقافةِ التحريم“، وصُنْتُ العقائدَ الوَكِيْدة، بـ “ليسَ من العقيدة“، وذِيْ المَحَلِّ الصَّيِّب بـ “المدخلِ إلى شعرِ أبي الطيِّبِ. و”الياقوتِ في أُصول النحْو“، و “قوةِ الحُبِّ” المُحَرَّرِ دُوْنَ لَهْو. و “تطريزِ عُمْدَةِ الطالِبِ“، وَتَأْسِيْسِ ما فيها من المَطالِبِ. وفي القانونِ المَصُونِ، “التَّراضِي” و “جنَّةَ المأمونِ“، وشرحِه “كنَّةِ الكَانونِ“. وهذا بَعْضٌ نَزْرٌ، مِنْ عَدِيْدٍ كُثْرٍ، إذْ أبلَغْتُ العَدَّ فوقَ المئة، وما كانتْ مُتَحَيِّزَةً لفئَة. في فُنونٍ شَتَّى، فالكتابةُ باليُسْرِ تُؤَتُّ لي أتَّى.
وتحقيقاتٍ راسخة، في مَصَافِّ العلوم شامخة. هيَ أوائِلُ في نَشْرِها، وبادئةٌ في أمْرِها. فـ “حُسْن القَرْعِ” أوَّلٌ كَطِيْبِ أصْلِ الفَرْع. ثُمَّ “ثَمَرُ الثُمامِ“، لإعلاءِ أذهانِ الأنام بإدراكِ مقاصِد الكلام. وتاليْها ثالثًا “تَلْقِيْحُ الفِكَر“، في علم اصطلاحِ الحديثِ المُعْتَبَر. وَ “جوامِعِ الكَلِم“، لابنِ تيميَّةَ العَلَم. وَبَعْدُ تِبَاعًا أعمالٌ رصِيْنَة، في الفِقْهِ مَتِيْنة. كـ “قِلادةِ الأجيادِ“، لابنِ غُنَيْمٍ نَظْمًا لـ “الزادَ“. وعلى “الفروعِ” المَصون، “حواشي ابنِ نَصْرِاللهِ” المأمون. ولأهْلِ اللسَانِ المُعْتَبَرِ “الثَّمَرَةِ الرائقِةِ” ذاتِ الأثَر. و “مَنْسَكِ ابنِ بَلْبَان” الفقيهِ ذيْ الإتقان. و “زُبَدِ العُلُوم” لأربابِ الفُهوم. وسِواها كثيرٌ من التحقيقاتِ والتَّصانيِفِ، إذا جَمَّلَ اللهُ أقدارَ التَّصْرِيْف. وفي الجُعْبَةِ مزيدٌ، وَجديدٌ عَديدٌ. والمنهومُ لا يُوْقِف، والأوقاتُ لا تُسْعِف. والمسيرُ دائمٌ، والعزْمُ قائمٌ. والرُّوْحُ يَحُثُّهَا نَهْضٌ، وهذا بَعْضٌ. واللهَ أرْجُوْ، وبالثناءِ له أشْدُو. أن يُبارِكَ في دقائقِ الأعمارِ، وأعطافِ الليلِ والنهارِ. فيُتِمَّ المطالِبَ، ويُحقِّقَ المآرِبَ.
[email protected] | www.alotaig.net